بالنظرة المجردة إلى أجسامنا يمكننا ملاحظة وجود شبكة من الأوعية الممتدة تحت الجلد، والتي نُدرك جميعنا أنها تتكون من مجموعة من الأوردة والشرايين، لكن هل تساءل يومًا: ما الفرق بين الشريان والوريد؟
إن هذا السؤال يفتح الباب لفهم واحدٍ من أعظم أسرار الجسم وهو الدورة الدموية، وفي هذا الصدد يشرح لنا الدكتور عمر الكاشف -أستاذ جراحة الأوعية الدموية كلية القصر العيني- هذا الموضوع، ويفصل لنا الفرق بين الأوردة والشرايين وكيف يكتمل هذا النظام البديع الذي أودعه الله تعالى في أجسامنا.
الفرق بين الأوردة والشرايين
عندما نتحدث عن الدورة الدموية، يبرز سؤال أساسي في أذهاننا؛ هو ما الفرق بين الشريان والوريد؟
- الشرايين: الشرايين تُعدّ الخط الرئيسي الذي يوزّع الدم المؤكسد من القلب إلى مختلف أعضاء الجسم وهي المسؤولة عن إيصال الأكسجين والمواد الغذائية الضرورية للخلايا، مما يضمن استمرار نشاطها وحيويتها
- الأوردة: الأوردة هي الطريق العكسي للشرايين، فهي تعيد الدم غير المؤكسد من أنسجة الجسم إلى القلب، ليُضخ بعدها إلى الرئتين لإعادة الأكسدة وتجديد الأكسجين.
وتتميز الأوردة بخصائص مختلفة تساعدها على أداء هذه المهمة رغم ضعف الضغط الدموي فيها.
أمثلة على الشرايين
- الشريان الأورطي (وهو الأكبر في الجسم).
- الشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب.
- شرايين الأطراف العلوية والسفلية.
أمثلة على الأوردة
- الأوردة العميقة مثل وريد الفخذ.
- الأوردة السطحية مثل الوريد الصافن الكبير والصغير.
- الأوردة الموصلة التي تربط بين السطحية والعميقة.
النظام الفسيولوجي المساعد للأوردة
بعد توضيح الفرق بين الأوردة والشرايين، يوضح لنا الدكتور عمر الكاشف أنه من أكبر التحديات التي تواجه الأوردة، خاصة في الساقين، نقلها الدم لأعلى في عكس اتجاه الجاذبية، وللتغلب على ذلك خلق الله نظامًا فيسيولوجيًا بديعًا يتكون من عنصرين أساسيين:
الصمامات الوريدية: صمامات ثنائية الشرفات متجهة إلى أعلى تسمح بمرور الدم في اتجاه واحد فقط (نحو القلب) وتمنع رجوع الدم إلى أسفل.
مضخة عضلة السمانة: تمرر الأوردة بين ألياف عضلة السمانة (عضلة بطن الساق) وعند انقباض العضلة تضغط على الأوردة وتدفع الدم إلى أعلى، وعند ارتخائها تُغلق الصمامات لمنع رجوع الدم لأسفل.
هذا النظام يجعل الدم قادرًا على الوصول إلى القلب رغم الجاذبية، وهو السبب في أن الحركة والرياضة تساعد في تحسين الدورة الدموية وتمنع ركود الدم.
أنواع الأوردة الممتدة بالجسم
بحسب شرح دكتور عمر الكاشف، تنقسم الأوردة الرئيسية في الجسم إلى ثلاثة أنواع:
الأوردة العميقة
تقع تحت الأنسجة الضامة وبين العضلات، وتسير متوازية مع الشرايين وهي من أهم الأوردة في جسم الإنسان؛ لأنها مسؤولة عن عودة معظم الدم إلى القلب، ومن أمثلتها: وريد الفخذ والوريد الحرقفي.
الأوردة السطحية
تقع مباشرة تحت الجلد وخارج اللفافة العضلية وتنقسم إلى أوردة محورية، مثل الوريد الصافن الكبير والصغير وأوردة غير محورية وهي أوردة أقل أهمية.
- الوريد الصافن الكبير: يبدأ من أمام الكعب الداخلي، ويصعد على طول الجانب الداخلي للساق والفخذ، يتصل بالأوردة العميقة في أعلى الفخذ، ويحتوي على صمام حاكم عند منطقة الاتصال.
الوريد الصافن الصغير: يبدأ من خلف الكعب الخارجي، يصعد من خلف الساق حتى يتصل بالأوردة العميقة، ويحتوي أيضًا على صمام حاكم.
الأوردة الموصلة
تربط الأوردة السطحية بالأوردة العميقة ويكون اتجاه الدم دائمًا من السطحية إلى العميقة و تحتوي على صمامات تمنع عودة الدم عكس الاتجاه.
ولعل أجمل ما يمكن أن نختم به هو ما قاله دكتور عمر الكاشف: "سبحان الله على هذا النظام الفسيولوجي البديع الذي يُمكّن الدم من السير ضد الجاذبية ليعود إلى القلب، ثم ينطلق من جديد عبر الشرايين ليمنح الحياة لكل خلية في الجسم".
إلى هنا ينتهي كلام الدكتور عمر الكاشف -أستاذ جراحة الأوعية الدموية كلية القصر العيني- ولحجز موعد مع الطبيب يمكنك مراسلتنا الآن. بينما نختتم نحن -فريق ميديكازون- أهمية الرياضة وممارسة الأنشطة الرياضية في تحسين صحة الشرايين والأوردة.
أهمية الحركة والرياضة لصحة الأوردة
تلعب الحركة اليومية والنشاط البدني دورًا أساسيًا في الحفاظ على صحة الأوردة والدورة الدموية، فهي تساعد على منع ركود الدم وتقلل من احتمالية الإصابة بالمشكلات الوريدية، مثل الدوالي أو الجلطات.
ونوضح مجموعة من النقاط المهمة في هذا الجانب:
- المشي المنتظم: يساعد على تنشيط مضخة عضلة السمانة ودفع الدم إلى القلب بسهولة.
- تجنّب الجلوس لفترات طويلة: الجلوس لفترات ممتدة يؤدي إلى ركود الدم داخل الأوردة.
- الحذر من الوقوف المستمر: الوقوف لساعات طويلة يرهق الأوردة ويزيد من الضغط على صماماتها.
- ممارسة أنشطة بسيطة: مثل صعود السلالم أو تمارين الإطالة لتحفيز الدورة الدموية.
- المحافظة على نمط حياة نشط: الحركة اليومية المعتدلة تمنع حدوث مشكلات مزمنة في الأوردة.
أسئلة شائعة
هل يسحب الدم من الأوردة أو الشرايين؟
عند الحاجة إلى فحص دم أو تحليل معملي، يلاحظ المريض أن الممرضة أو الطبيب يسحب الدم من الأوردة وليس من الشرايين والسبب في ذلك أن الأوردة سطحية ويسهل الوصول إليها تحت الجلد، كما أن الضغط الدموي فيها منخفض مما يجعل عملية السحب أكثر أمانًا وأقل ألمًا.
أما الشرايين فهي عميقة وتحت ضغط مرتفع، ولذلك لا يُسحب منها الدم وتوضح هذه المعلومة البسيطة جانبًا عمليًا آخر من الفرق بين الشرايين والأوردة وأهمية فهم وظيفة كل منهما.
أهمية معرفة الفرق بين الأوردة والشرايين
إن فهم الفرق بين الأوردة والشرايين له أهمية عملية كبيرة في الحياة اليومية والطب:
- في الطب الجراحي: لتحديد أماكن القسطرة أو أخذ العينات.
- في تشخيص الأمراض: مثل دوالي الساقين الناتجة عن خلل في الصمامات الوريدية.
- في الإسعافات الأولية: لمعرفة أماكن النزيف وخطورته، فالنزيف الشرياني أخطر لأنه سريع وقوي.
- في الفحوص الطبية: معرفة طبيعة الفرق تساعد في تفسير التحاليل والنتائج.
كيف يفرّق الطبيب بين النزيف الشرياني والوريدي؟
من المعلومات العملية المهمة التي تساعد على فهم الفرق بين الأوردة والشرايين هي كيفية تمييز النزيف في الحالات الطارئة، فالنزيف الشرياني يتميز بدمه ذات اللون الأحمر الفاتح ويندفع بقوة مع كل نبضة من نبضات القلب، مما يجعله أكثر خطورة ويحتاج إلى تدخل عاجل لإيقافه.
أما النزيف الوريدي فيكون الدم فيه داكن اللون، ويخرج بشكل متواصل وبطيء نسبيًا، وهو أقل اندفاعًا من النزيف الشرياني، لكنه قد يظل خطيرًا إذا لم يُعالج بسرعة.
ميديكازون هي أكبر منصة طبية في مصر والوطن العربي، تجمع نخبة من كبار الأطباء المتميزين في مختلف التخصصات. نسعد بتلقي استفساراتكم عبر التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، ونتعهد بتقديم إجابات دقيقة وموثوقة تراجع من قِبل أطبائنا المتخصصين.